سورة هود - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


تقدم الكلام على هذه الحروف التي افتتحت بها بعض السور، وانها تقرأ باسمائها: فيقال: (الف لام را) احكمت آياته: اتقنت فصلت: جعلت واضحة. يمتعكم متاعا حسنا: يجعل معيشتكم كلها صالحة وارضية إلى اجل مسمى: إلى عمر مقدر.
{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ....}.
حروف ابتدأت بها السورة للإشارة إلى ان القرآن معجِز، مع انه مكون من الحروف التي ينطقون بها، وللتنبيه إلى الاصغاء عند تلاوة القرآن الكريم إلى انه كتاب آياته محكمة النظم واضحة المعاني، قد فصِّلت أحكامها، وأنزلها ربّ حكيمٌ يقدر حاجة عباده، وخبير يضع الأمور في مواضعها.
{أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ الله إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ}.
قل أيها النبي للناس: لا تعبدوا الا الله، انّي مرسَل من عنده لأُنذركم بعذابه إن كفرتم، وأبشّركم بثوابه ان آمنتم وأطعتم.
{وَأَنِ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى}.
وقلْ لهم ايضاً: ادعوا الله واسألوا ه ان يغفر لكم ذنوبكم، ثم توبوا ليه بإخلاص، فيمتّعكم في معيشتكم متاعاً حسنا بالرِزق الطّيب والعافية والأمن إلى ان ينتهي الأجل المقدر لكم في هذه الحياة.
{وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}.
ويعطي كل صاحب عمل صالح في الدنيا أفضل اثواب واحسن الجزاء في الآخرة.
{وَإِن تَوَلَّوْاْ فإني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}.
وان توليتم وأعرضْتم عما دعوتكم إليه، فإن أخاف عليكم عذابَ يومٍ كبير، هو يوم القيامة، لما فيه من أهوال شديدة.
{إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
إليه تعالى رُجوعكم بعد موتكم، وحينئذ تلقَون جزاءكم بالعدْل والقسطاس، والله قادر على كل شيء.


ثنى الشيء: عطف عضه على بعض فطواه. يثنون صدروهم: عن الحق وينكسون رؤوسهم. ليستخفوا منه: ليخفوا انفسهم يستغشون ثيابهم: يتغطون بها.
بعد أن ذكر الله تعالى أنهم إن أعرضوا حلّ بهم عذابٌ كبير، بيّنه هنا في هذه الآية وصفَ حالتِهم العجيبة وكيف يتلقى فريق منهم تلك الآياتِ، عندما يتلوها عليهم النبيّ الكريم.
{أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ}.
إن هؤلاء الكافرين يطوون صورَهم ليكتُموا ما يجُول فيها.
{أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}.
والله سبحانه وتعالى مطّلع على أحوالهم حتى في حال خَلْوَتِهم حين يتغطَّون بثيابهم، فهو يعلم سرَّهم وعلانيتَهم.
{إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور}.
وهو يعلم بأسرار الصدور وخواطر القلوب.


الدابة: كل حي يدب على الأرض، وغلبت على كل ما يركب من الخيل والبغال والحمير. المستقر: مكان الاستقرار. ومستودعها: الموضع الذي كانت فيه قبل استقرارها، كالصلب والرحم والبيضة. إلى امة معدودة: إلى زمن معين. حاق بهم: نزل بهم واحط بهم.
يبيّن الله في الآيات آثار قدرته، وما يتعلقّ بحياة البشر وشؤونهم المختلفة، ويعرِّفُ الخلْقَ بربهم الحقّ الذي عليهم ان يعبدوه، فهو العالِمُ المحيط علمه بكل خلْقه، وهو الرزاق الذي لا يترك أحداً من زرقه. ثم يُطلعها على آثار قدرتِه وحكمته في خلق السماوات والأرض بنظامٍ خاص في أطوا أو آمادٍ مُحكّمة.
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأرض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا}.
لي هناك دابة تتحرك على الأرض الا وقد تكّفل الله برزقها، فكل مخلوق له رزقٌ مقدَّر من الله في سُننه التي ترتَّب النِّتاجَ على الجُهد، فلا يقعدنَّ أحد عن السعي فالسّماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سعى} [النجم: 39].
{وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا}.
ان الله يعمل اين تستقرّ تلك الدابة أو المخلوق واين تقم، والمكانّ الذي تودع فيه بعد موتها.
{كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}.
كل شيء من ذلك مسجَّلٌ عنده سبحانه في كتابٍ مبين موضِحٍ لأحوال ما فيه.
{وَهُوَ الذي خَلَق السماوات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}.
انه هو الذي خلق السماواتِ والأرض في ستّ مراحلَ، كما تقدم في سورة الاعراف الآية 54، وسورة يونس الآية 4.
ومن قبل ذلك لم يكن الوجود اكثر من عالم الماء.
{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المآء} يعني أن الماء كان موجوداً، خَلَقَه سبحانه وتعالى قبل ان يخلق السماوات والأرض.
أما كيف كان هذا الماء، وكيف كان عرشه عليه، فليس هناك نص على شيء من ذلك، والعقلُ وحده لا يمِلك العمل به ونترك البحث فيه.
ثم عَلل الله بما آنفاً بعض حِكمه الخاصة بالمكلفين المخاطبين بالقرآن فقال: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}.
ولقد خلق هذا الكونَ ليُظهر أحوالَكم ايها الناس، بالاختبار وليُظهِر أيكم احسنُ إتقانا لما يعمله لنفسه وللناس.
{وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الموت لَيَقُولَنَّ الذين كفروا إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ}.
لئن اخبرتَ يا محمد هؤلاء ا لمشركين أن الله سبعثُهم من قبورِهم بعد مماتِهم، سارعوا إلى الرد عليك مؤكدين ان هذا الذي جئتَهم به لا حقيقةَ له، وما هو الا كالسِحر الواضح تسحَرُ به العقول. فما أعجبَ هذا القول وما أغربه!؟
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي: {ان هذا الا ساحر مبين}.
{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ؟}.
ولئن أخّرنا عنهم عذابَنا الذي توعِدُهم به ايها الرسول إلى وقت محدّد لَيقولون مستهزئين: ما الذي يمنعُه عنّا الآن! شأنُهم في التكذي بالبعث، كشأنهم في مسألة العذابِ الدنيوي، يستعجِلونه ويتساءولن عن سببِ تأخيره.
{أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ}.
الا فلْيعلمْ هؤلاء القوم ان العذابَ آتٍ حتما، لا خلاصَ لهم منه، وأنه سيحيط بهم بسبب استهزائهم واستهتارهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8